Wednesday, November 19, 2008

العودة إلى حنصلة


عبَّر فيلم الافتتاح لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي– العودة إلى حنصلة - عن ملامح الدورة المتعددة الأوجه فهو فيلم اسباني (ضيف الشرف) يتحدث عن بطل أسباني يذهب إلى المغرب لأول مرة ( الإسلام بعيون غربية) و يناقش قضية الهجرة غير الشرعية ( حقوق الإنسان) .. ربما ذلك هو المبرر الوحيد لاختيار فيلم متوسط للمخرج الإسباني شوس بوتيريز .

الفيلم الذي يحكي عن شباب قرية بسيطة بدائية بالمغرب يحلم شبابها صبية وفتيات بالهجرة إلى اسبانيا برهان الوصول إلى الشاطيء الآخر أحياء وليسوا جثث .. تبقى في الثلاجة لحين تسوق الصدفة وحدها أحدهم ليعيدهم مرة أخرى إلى وطنهم الفارين منه .. يواريهم ترابه

يبدأ الفيلم بصاحب دار الجنازات الإسباني ويدعى مارتين و الذي يواجه مشاكل مالية و عائلية تضطره إلى محاولة الكسب من وراء إعادة جثث الشباب المغربي إلى أهلهم فيلتقي ليلى التي دفعت بأخيها الأصغر ليلحق بها على اسبانيا لكنه لا يتمكن من النجاة فتعود به جثة هامدة إلى أهله

وخلال الرحلة يتعرف مارتين على المغرب والإسلام الذي لم يعبر عنه سوى بجملة واحدة على مدى الفيلم " نحن في رمضان" تقولها ليلى عندما يدعوها للشرب معه أو شرطي الحدود عندما تتعطل أوراقه في الجمارك لأنه قد حان آذان المغرب أو العاملة في الفندق حينما يطلب طعاما فلا يجد سوى شوربة .. أو حينما يحتاج لفنجان قهوة بعد ان قضى ليلة في الصحراء لحظتها يقول لن آتي المغرب في رمضان مرة أخرى .. وفيما عدا ذلك تبقى بقية الصورة التي رسمت لسكان القرية / المسلمون نابعة من خصائصهم كسكان لمنطقة جبلية تحكمها أعراف القبيلة وليس الإسلام و لهذا يبدو وجود قطاع الطريق عاديا .. كما أن تكاتفهم مع أسرة الفقيد لدفع مقابل نقل الجثة من أسبانيا إلى حنصلة موقفا نابعا من عادة قبلية ..

لتظهر صورة الإسلام باهتة في الفيلم ومعادلة لصورة الشعوب النامية , الفقيرة , غير المتحضرة التي لازالت تركب الحمير وتعيش على المياه الجوفية .. لتصبح نهاية الفيلم إنسانية جدا مع تقبل مارتين للآخر المتمثل في ليلى و قريتها حتى أنه يقرر أن يساعدهم في نقل جثث مواتهم بتكاليف أقل .. بعد محاولته إثناء الشباب عن المغامرة بالذهاب لاسبانيا عن طريق البحر.

الفيلم لم يستسلم للأفكار المسبقة حول الهجرة غير الشرعية بل سرد الحكاية بتفاصيلها دون أن ينحاز مع أو ضد ليصل بنا في النهاية إلى أن الهجرة أمر واقع لا محالة وكل ما علينا هو أن ننظر للأمر بعين إنسانية .. ربما لهذا السبب لم تبدو مشاهد تعرف أهالي المفقودين صارخة الحزن .. جاءت متوسطة ومتوازنة .. و ينتهي الفيلم بأمل الوصول إلى الضفة الأخرى مع نجاح سعيد في ذلك.

No comments: