Thursday, July 14, 2011

Freedom writers - 2007



القصة مكررة، شاهدناها في أفلام عدة، رغم ذلك مع هذه القصة أجد أني لا أمل إعادة مشاهدتها كلما قدمها فيلم ما بطريقة جيدة، لا أطلب رؤية مختلفة كما أطلب دائمًا، فقط أطلب الصدق والعمق في التعامل مع المشاعر . ما يشجع حقًا، ويؤثر في النفس حين نشاهد هذه النوعية من الأفلام هو الشحنة الإيجابية التي تقدمها للنفس، والتفاؤل الذي تبثه حين تتفاعل مشاعرك معها.


 القصة معتادة حقًا، يمكن تلخيصها في المحاكاة العربية لها " مدرسة المشاغبين"، فقط في هذا الفيلم وأفلام أخرى، الخلفية الاجتماعية أكثر بروزًا وعمقًا من مجرد فكرة المشاغبة أو الانحلال؛ فنجدُ أن المجتمع متنافر منقسم تبعًا للعرق إلى فئات، لكن مدرسة مخلصة تستطيع تحقيق اختلاف، والفيلم خلال هذه المعالجة يتطرق بشكل مؤثر لقضية العنصرية. لهذا فالفيلم ليس عن مدرسة تكافح لتنجح في مهمتها التي تتمثل في تعليم طلبتها، الفيلم عن مجتمع يتخبط في مشاكله، لكنه قادر على إيجاد الحل بفضل مخلصين.

الفيلم قصته حقيقية، ويقتبس اسمه من اسم كتاب حقيقي نشرته هذه المجموعة من الطلاب سموه "Freedom writers diary " ، وهو عنوان فيه أيضا تناص مع قصة حقيقية أخرى لمجموعة أخرى سميت "Freedom riders" أول مجموعة من البيض والسود يتحدون التقسيمات العنصرية لترتيب الجلوس في الحافلات العامة.

الفيلم محمس، ومصنوع بجودة، لا أستطيع أن أقول أنه أفضل ما صنع حتى في فئته، ولا أنكر أني شاهدت عددًا من الأفلام ذات السيناريو الذي يكاد يكونُ مطابقًا، لكني كما قلت أحب أن أشاهد هذه النوعية من الأفلام، ربما لأن كل شيء يبدأ من هنا : التربية (حجرة الفصل).

لمعلومات عن الأبطال وتفاصيل الإخراج والإنتاج يمكن الدخول هنا


Tuesday, June 28, 2011

أحمر باهت


أحمر باهت

محمد سيد عبد الرحيم

يعتبر "أحمر باهت" الفيلم الروائي القصير الثالث لمخرجه محمد حماد بعد فيلميه "الجنيه الخامس" و"سنترال".

فيلم محمد حماد الجديد "أحمر باهت" هو امتداد للرؤية الفكرية التي يحاول المخرج طرحها في ثلاثية أفلامه حتى الآن، وهي تتمثل في كشف المستور – إذا جاز لنا استعارة عنوان فيلم عاطف الطيب الشهير – وخاصة كشف الأمور التي تمس الجنس وسكوت المجتمع المصري ظاهريا عنها وعدم ذكرها بل وربما نقضها والتنصل عنها رغم ممارسته لها باطنيا (داخليا).

فيلم "أحمر باهت" يحكي عن فتاة في المرحلة الثانوية تعيش مع جدتها، تعاني من قدم ملابسها الداخلية وفوات أوان لبسها، وبسبب التلسين الدائم من زملاءها بالمدرسة، تندفع إلى شراء ملابس داخلية جديدة تليق بسنها بدلا من القديمة. لكن الجدة ترغمها على عدم ارتداء هذه الملابس الداخلية الجديدة بألوانها الفاقعة الزاهية (بنفسجي – أصفر – أحمر)، وتشترط عليها أن تغليهم (مع إضافة الكلور لهم) حتى يبهتوا تماما.

اتبع المخرج فكرة الفيلم بحرص وإتقان بداية من أول مشهد والفتاة تنشر غسيلها وبعد نشره تغطيه بملاءه كبيرة لا تتيح لأحد أن يرى ما غطته، مرورا بفكرة الغسيل أيضا عندما كان الصديقات الثلاث يتكلمن في الشارع، نرى أن الفتاة البطلة محصورة بين زميلتيها يحدثاها عن ملابسها الداخلية وضرورة تغييرها بينما هي صامتة تستمع بخجل، نجد في مقدمة الكادر حبل من الغسيل ممتد بعرض الشارع قد نشرت عليه قطع الملابس بكلا جهتي الكادر بينما بمنتصف الكادر، بمركزه الذي تقطنه الفتاة البطلة، قد خلا الحبل تماما من أي قطع ملابس. إن استخدام المخرج الصورة وتكوينها ومحتوياتها لإبراز وتأكيد فكرة الفيلم التي تعتمد على السرد والحوار، إنما يدل أيما دلالة على أن المخرج يفهم تماما أهمية الصورة كمكون أساسي لفن الفيلم، واختلافه وتميزه عن بقية الفنون الأخرى بهذه السمة وهي الصورة وحركة الصورة.

أيضا التأكيد على فكرة نشر الغسيل بمعناها الشعبي إنما هو إيمان بأهمية الوعي الشعبي تماما كأهمية مناقشة المشكلات الشعبية المجتمعية. فليس بالضرورة أن نستخدم أدوات أجنبية لنقد الثقافة المحلية المصرية. وهذا ما فعله المخرج في فيلمه هذا الذي نتحدث عنه. فلقد استخدم تفاصيل شعبية تنتمي إلى العادات والتقاليد المصرية من أجل نقد هذه العادات والتقاليد. إذن فهو نقد داخلي، من داخل المؤسسة الاجتماعية ذاتها.

السيناريو والحوار الذي اشترك في كتابته الشيماء حامد ومحمود فرج ومحمد الشرقاوي يغوص مباشرة وبلا أي مقدمات إلى داخل الذات الأنثوية بمشكلاتها واهتماماتها وتفاصيلها، ففي مشهد رائع تجلس البطلة على مكتبها ببيتها، تخرج علبة مقتنياتها، وتفتحها بحرص لتخرج منها - وكأنها تخرج كنزا - زجاجة طلاء الأظافر الأحمر اللون، تدهن به أظافرها وبعد أن تتأملهم لثوان تمسح ما دهنته بالمزيل. اللون الأحمر بما يحمله من خروج من شرنقة الطفولة واختيار الأم (الغائبة التي ربما لم تشتري البطلة ملابس داخلية منذ أن غابت) إلى الاختيار الخاص والإرادي وبالتأكيد الثوري يتمثل في مشهد رائع بصريا من ناحية الصورة وزوايا التصوير والإضاءة الكابية. لقد اختار صانع الفيلم هذا اللون بذكاء شديد، فهذا اللون يعبر عن الثورة على الإحاطة بجناحي الوالدين، وأيضا إظهار للذات بإزاء الآخرين، وهم في حالة الفيلم أصدقاءها البنات والأولاد الذين يتمعنون في جسدها الذي ينمو بسرعة في تلك المرحلة العمرية. في هذا المشهد يؤكد المخرج فكرته مثلا بوضع عروسة تلبس الأحمر فوق مكتب البطلة وكأنها مرآة مستقبلية لها ترى فيها ما تريد أن تكونه. بشعرها الأصفر غير المغطي وبفستانها الأحمر المزركش. ولكن ينهي لنا المخرج المشهد بلقطة بارعة الدلالة والالتصاق بعنوان الفيلم. فعندما تزيل البطلة طلاء الأظافر الأحمر، لا يمسح تماما بل يبقى في شكل لون أحمر باهت. فالبطلة لا تستطيع أن تخرج خارج بيتها بهذا الطلاء الأحمر، فعادات وتقاليد البلاد والجدة التي تحاول الحفاظ على حفيدتها في غياب الوالدين يرفضا ذلك تماما.

إن الجدة تحاول إزاحة أنوثة البطلة بمنعها من ارتداء ملابس داخلية ذات ألوانا زاهية بإجبارها على ارتداء ملابس داخلية ذات ألوانا باهتة، تماما كالجدة الباهتة التى ولى عمرها الزاهي.

ولذا فعلى من يريد أن يستمتع بالحياة أن يستمتع بها سرا، خفاء؛ وبالتأكيد سيكون استمتاعا آنيا، لا يستمر طويلا بسبب الرقابة الدائمة. في تلك اللحظات الخاطفة تتوحد البطلة مع ذاتها في عالم خاص بها. عالم لن تستطيع أبدا أن تخرج منه، حتى بعد الخروج من بيت جدتها إلى بيت زوجها. في هذا المشهد الرائع يتعاون كل فريق العمل خاصة الإضاءة في تأكيد توحد البطلة مع ذاتها عبر الإضاءة الكابية التي تكشف وتركز على البطلة وحويجاتها، بلا أي تفصيل أو إيضاح لعالم خارج عالمها.

نحن أمام فيلم روائي مستقل قصير، يختلف عن بقية الأفلام الروائية المستقلة القصيرة بصورته وصوته الممتازين وفكرته الجديدة والجريئة ناهيك عن التناول الجيد للفكرة ومسها لحال نصف مجتمعنا أو ربما أكثر حتى من نصف مجتمعنا المصري والعربي.

Monday, June 27, 2011

El secreto de sus ojos

تظل العيون هي الواشي الأول بما تكنه النفوس مهما احترفنا المواراة والمداراة

يتحرك الفيلم بإيقاع هاديء في المسافة التي تقع بين نظرات الشخصيات غلى بعضهم وما تحمله من حب وكراهية ورغبة وحقد وانتقام وجنون وانحراف، لنكتشف أننا عراة أمام الآخرين ربما تشي بحالنا نظرة التقت على حين سهو منا في صورة فوتوغرافية

رغم أن القصة تدور حول التحقيق في جريمة  قتل واغتصاب، إلا أن القصة الأساسية التي يحكيها الفيلم هي قصة النفس البشرية التي تميل لإكمال الحكايات الناقصة ووضع نقطة للنهاية بديلا عن نقاط الإنقطاع التي يتركها ميلنا الفطري نحو الهروب، تحكي عن النفس التي تتأرجح بين ما ترغب فيه وماهو متاح، وقدرة كل منا على أن يتجاوز خوفه ليمسك بكلتا يديه بما يرغب فيه حقا، مع التأكيد على الضريبة المستحقة في الحالتين سزاء اقدمنا على تلك الخطوة أم حالت بيننا وبينها الدنيا بألاعيبها التي لا تنتهي.

الفيلم يقول فكرته عبر صورة بألوان داكنة وإضاءات خافتة، تعكس الخوف والتردد والهاجس المسيطر من عدم التأكد
كما يترك مساحة كافية من الصمت، لإعطاء الفرصة لنا، كي ندخل في الصورة فنرى أنفسنا على الشاشة بوضوح.


الفيلم أرجنتيني بلغة اسبانية انتاج عام 2009